الجمعة، 29 ديسمبر 2017

السعودية و أمريكا: سباق من أجل انتزاع الأهداف

السعودية و امريكا:سباق من أجل انتزاع ا هداف
بمجرد إع ن فوز دونالد ترامب المرشح الجمهورى برئاسة الو يات المتحدة، ساد ارتياح عام بين قادة المملكة لعدة أسباب، أولها هو ا ثار السلبية التى خلفتها سياسة أوباما تجاه المصالح السعودية فى الشرق ا وسط، فالمملكة رأت فى أوباما رئيساً ضعيفاً غير قادر على حسم أية قضية أمنية، كما تسبب بسياسته الرامية الى ا نسحاب من مستنقع الشرق ا وسط و بتردده فى مواجهة توغل إيران داخل الدول العربية و توسيع نفوذها على حساب حلفاء واشنطن التاريخيين، با ضافة لوقوفه على الحياد بين طهران و الرياض بعد توقيع ا تفاق النووى فى 5102 داعياً الجارين الكبيرين الى التعايش معتبراً ان ذلك هو السبيل ا وحد للس م فى المنطقة. ثانى ا سباب يتعلق بشخصية ترامب ذاتها، فهو رجل أعمال بدون أي تاريخ سياسى وب  أي خلفية أيديلوجية، يبحث فقط عن مصالح دولته كما يراها دون النظر  ي التزام سياسى، وهو ما تراه الرياض الرجل ا مثل للتفاهم معه عكس أوباما، لذلك لم يكن مستغرباً أن تأتى أول زيارة خارجية لترامب الى الرياض-وهو ما لم يفعله اي رئيس أمريكى سابق- و يعقد صفقات بمليارات الدو رات، وهي صفقات   يمكن اختزالها فقط فى كلمة " "jobs كما يحب ترامب أن يردد دائماً، لكنها أيضاً بمثابة تجديد التحالف ا ستراتيجى بين واشنطن و الرياض با ضافة لبعث لرسالة واضحة لكافة ا طراف الفاعلة فى الشرق ا وسط تفيد بأن الو يات المتحدة   تنتوى ا نسحاب من المنطقة.
ماذا تريد المملكة العربية السعودية من الو يات المتحدة ا مريكية؟
. يأتى تحجيم الدور ا يرانى على رأس أولويات المملكة، وهو ليس بالشئ الجديد، ف تسريبات ويكيليكس أشارات إلى أن الملك الراحل عبد   بن عبدالعزيز حرض ا دارة ا مريكية السابقة على ضرب إيران، و هو ما أكده جون كيرى منذ أيام حيث قال أن قادة السعودية و مصر و اسرائيل حرضوا على ضرب إيران عندما كان يرأس لجنة الع قات الخارجية بالكونجرس، ورغم أن جيمس ماتيس وزير الدفاع ا مريكى استبعد توجيه ضربة عسكرية لطهران، إ  أن ا مور قد تختلف مستقب ً وفقاً لدرجة التقارب السعودى- ا سرائيلى الذى ينمو تحت ضغط الوجود ا يرانى فى المنطقة
. دعم ا مير الشاب: يحظى محمد بن سلمان بدعم شخصى من ترامب، وهو ما ظهر بعد اعتقال عدد من ا مراء و رجال ا عمال فى فندق الرتيز بالرياض، حيث لم يتردد ترامب – المتواجد فى آسيا آنذاك- فى إع ن دعمه  جراءات المملكة فى أمر   يعد فقط شأناً داخلياً بل عائلياً !
.الملف القطرى:   يحتل الملف القطرى حيزاً كبيراً فى أجندة السياسة ا مريكية، إ  أنها لم تتردد فى دعم إجراءات المملكة و حلفاءها تجاه قطر، كما وصف ترامب قطر بأنها " ممول تاريخى" ل رهاب، ورغم ذلك نجح الرجل فى ضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جانب لم يغضب المملكة ويضغط  نهاء تلك ا جراءات ، وهو أمر ربما لم يكن ليسمح به رجل مثل أوباما، و من جانب آخر لم بتردد الرجل فى ابتزاز الدوحة لعقد صفقات أسلحة بالمليارات و جذب أموالها ل ستثمار داخل الو يات المتحدة
ماذا تريد الو يات المتحدة من المملكة ؟
. تطمح الو يات المتحدة  نجاز ما وصفه الرئيس ا مريكى ب "صفقة القرن" ، ورغم كون المصطلح غامضاً إ  أنه يعكس فلسفة ا دارة ا مريكية التى تتعامل بمنطق التاجر دون أية ثوابت سياسية.و يبدو أن ا دارة ا مريكية تنوى استخدام حلفاءها العرب-وبا خص السعودية و ا مارات- للضغط على الفلسطنيين للقبول بما ستعرضه عليهم الو يات المتحدة والذى لن يختلف كثيراً عن ما ستطرحه اسرائيل عليهم ، وأغلب الظن أن الصفقة ستكون دولة فلسطينية منزوعة الس ح مع تبادل ل راضى يسمح  سرائيل با حتفاظ بمستوطناتها فى الضفة و القدس فى مقابل تطبيع عربى مع اسرائيل و دعم مالى للدولة الفلسطينية من السعودية.
. يسعى ترامب لجذب كل فوائض ا موال الخليجية داخل الو يات المتحدة، مشدداً على أهمية و أولوية البعد ا قتصادى لديه.
حدود إنجاز المصالح بينهما
  يحتاج المرء إلى كثير من الفطنة ليدرك أن السعودية و إسرائيل   ترضيان بأقل من توجيه ضربة عسكرية  يران تقسم ظهر مشروعها النووى و تجبرها على ايقاف برنامجها الصاروخى، لكن هل تنتوى الو يات المتحدة ا قبال على خطوة بمثل تلك الخطورة أو حتى السماح بها ؟
هناك الكثير من ا سباب التى تجعل هذه الخطوة غير واردة من ا ساس عند صانع القرار ا مريكى أبرزها:
0) وثيقة ا من القومى 5102: لم تنص الوثيقة على مفهوم "الضربات ا ستباقية" الذى استخدمته الو يات المتحدة سابقاً فى العراق ، رغم وصفها إيران- وكوريا الشمالية- بالدول المارقة، و اكتفت بالتأكيد على نشرها أنظمة دفاع جوى صاروخى على كافة المستويات لحماية أمنها و أمن حلفاءها، ما يعنى أن الو يات المتحدة ستنتهج سياسة
دفاعية ولن تبدأ بضرب إيران
5) سباق التسلح:   يمكن  ي رئيس للو يات المتحدة أن يغفل حجم مبيعات ا سلحة إلى
دول الخليج وما تسببه من انتعاش ل قتصاد ا مريكى، فما بالك برجل من طراز دونالد ترامب ؟ وفقاً لمعهد ستوكهولم  بحاث الس م، تضاعفت نسبة استيراد السعودية ل سلحة بنسبة 505% فى الفترة ما بين 5105 و 5102، فى حين ارتفعت واردات قطر من ا سلحة بنسبة 542%، كما استحوذت كل من السعودية و ا مارات لوحدهما على ما يقارب 01% من إجمالى صادرات الس ح فى العالم فى تلك الفترة، و هي أرقام بالطبع مرشحة للتضاعف تحت قيادة ا مير الشاب محمد بن سلمان
1) قوة الردع ا يرانية: تملك إيران قوة ردع صاروخية يمكنها الوصول الى كل ا هداف ا مريكية فى المنطقة با ضافة الى كل من الرياض و تل أبيب، وتواصل طهران التأكيد على أن برنامجها الصاروخى دفاعياً با ساس كما أنه شأناً داخلياً لن تتفاوض عليه. لكن الرياض تسعى  قناع واشنطن بأن برنامج ايران الصاروخى ليس دفاعياً كما تدعى طهران خصوصاً بعد استهداف الحوثيين للرياض بصواريخ تقول الرياض أنها إيرانية الصنع، كما تحذر الرياض من أن وجود تلك الصواريخ البالستية بين أيدى
الملشيات المسلحة التابعة  يران سيزيد من أشتعال المنطقة. أما واشنطن، فيبدو أنها تعزف عن دخول مغامرة جديدة فى الشرق ا وسط، فبرنامج إيران النووى لن ينتهى بضربة عسكرية على غرار مع حدث مع برنامج العراق فى بداية ثمانينيات القرن الماضى أو البرانمج السورى فى العقد الماضى، مفضلة على ذلك تشديد العقوبات ا قتصادية على طهران و خنق أذرعها فى المنطقة.
خاتمة
مع انهيار ا تحاد السوفيتى و سقوط حائط برلين، سعت الو يات المتحدة – المنفردة بقيادة النظام العالمى آنذاك- الى تسوية المشاكل المعقدة فى العالم تحت رعايتها و وفقاً لرؤيتها ، حتى اُطلق على التسعينات " عصر التسويات الكبرى" ، و هي الفترة التى شهدت أعتراف متباد ً بين اسرائيل و السلطة الفلسطينية، ثم اتفاقية الس م بين ا ردن و اسرائيل، ثم دخول سوريا واسرائيل فى مفاوضات س م وإن لم تسفر عن شئ، با ضافة لتطلع الدول الخليجية للتعامل مع إسرائيل وهو ما وصفه وزير خارجية مصر ا سبق عمرو موسى فى مذكراته ب "الهرولة تجاه اسرائيل".
اليوم و بعد سبع سنوات من الفوضى فى الشرق ا وسط، ترى ا دارة ا مريكية ان
الفرصة مواتية  عادة تشكيل الشرق ا وسط ارتكازاً على مبدئين، ا ول هو صفقة القرن، أي تطبيع عربى مع اسرائيل وتسوية المشكلة الفلسطينية ا سرائيلية، و الثانى هو استبعاد ا س م السياسى من خريطة التحالفات فى الشرق ا وسط، وهو يختلف عما رأته ا دارات ا مريكية السابقة من ضرورة إشراك جماعات ا س م السياسى فى العملية السياسية، أما ا دارة الجديدة فتعتبر أن تلك التيارات وفرت غطاءاً سياسياً ل رهاب ومهدت له الطريق وأن التعاون معه كان خطأًفادحاً.
على الجانب ا خر، تبدو السعودية الطامحة لقيادة العالم العربى مصرة على استثمار فترة إدارة ترامب فى صراعها مع ايران، فهى تقدم نفسها للعالم العربى بوصفها حامية البوابة الشرقية له ضد المشروع ا يرانى كما تقدم نفسها للو يات المتحدة على انها حليف قوى يمكن ا عتماد لتحقيق المصالح ا مريكية، فهي تحت قيادة محمد بن سلمان أصبحت ترى فى تل أبيب شريكاً   مفر منه فى مواجهة ايران، وهي فى سبيل فى ذلك تشارك فى صياغة صفقة القرن أو كما يقول بعض الخبراء ان هناك مشروعاً سعودياً-اسرائيلياً لتسوية فلسطينية مقابل اقناع واشنطن بضرب ايران و حزب  ، النقطة الثانية ان ابن سلمان يشارك ترامب رؤيته تجاه ا س م السياسى، ويسير بخطى واضحة لتغيير وجه المملكة المعروف بتحفظه بمباركة أمريكية، مصراً على تغيير الصورة النمطية عن المملكة وارتباطها بالحركات المتشددة.

الجمعة، 21 أبريل 2017

ماذا لو فازت "لوبان"

الإنتخابات الفرنسية:ماذا لو فازت "لو بان" ؟

    تبنت فرنسا منذ الخمسينيات الدعوة لتوحيد أوروبا الغربية، و توجت تلك الجهود باتفاقية " الجماعة الأوروبية للفحم و الصلب" الموقعة فى أبريل من عام 1951 بين الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوربى( فرنسا، ألمانيا الغربية ، ايطاليا ، بلجيكا ، لوكسمبورج ، هولندا )، كانت تلك الاتفاقية هي النبتة الصغيرة التى أفرزت ما صار يعرف اليوم ب " الاتحاد الأوربى" . لكن من الضرورى هنا التوقف للاعتراف بأن تلك الأتفاقية و ما تمخض عنها من اتفاقيات كان الغرض الرئيس منها هو كبح جماح القوة الصناعية الألمانية، واحتوائها فى إطار أوربى أوسع، وهو ما دفع وزير الخارجية الفرنسى "روبرت شومان" أحد أبرز الداعين للاتحاد- الى القول بعد توقيع اتفاقية الفحم و الصلب بأن "الحرب بين فرنسا و ألمانيا صارت غير واردة" .
    ظل الإتحاد الأوربى يجسد النموذج الأمثل للتكامل السياسى و الأقتصادى بين عدة دول شهد تاريخها حروباً طاحنة فيما بينها، ليتوج ذلك النموذج بجائزة نوبل للسلام عام 2012، قبل أن يفيق العالم على استفتاء ال "بريكسيت" الذى أختار من خلاله البريطانيون الخروج من الأتحاد الأوربى فى يونيو\حزيران من العام الماضى، ثم ما تلاه من وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وهو كان أحد أبرز الداعمين لخروج بريطانيا من الأتحاد الأوربى، ليجعل مستقبل الأتحاد فى مهب الريح.
    فى فرنسا، تعالت الأصوات مطالبة بعقد اسفتاء مماثل لتقرير بقاءهم فى الاتحاد من عدمه، وهو أمر غير مستبعد أن يصل تأثيرقطع الدومينو Domino's effect التى بدأ تساقطها فى بريطانيا و الولايات المتحدة إلى فرنسا. لكن فرنسا ليست كبريطانيا، فبريطانيا لم تتوحد سياسياً مع الأتحاد ربما لأنها لم تنهزم فى الحرب العالمية الثانية فلم يكن لديها نفس دوافع فرنسا، و اكتفت بدورها فى تطوير التعاون الاقتصادى بين الجماعة الأوربية منذ انضمامها اليهم فى عام 1973 ، أي بعد أكثر من عشرين عاماً على اتفاقية الفحم و الصلب، إذ ظل انضمام بريطانيا إلى الجماعة الأوروبية محل اعتراض فرنسا، خصوصا الجنرال شارل ديجول الذى كان يعتبرها بمثابة "حصان طروادة" داخل الأتحاد لحساب الولايات المتحدة. و اليوم، بعد خروج بريطانيا بتشجيع من ترامب، يمكن إعادة النظر فى كلمات شارل ديجول.
    كانت مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة اليمينى المتطرف قد أعربت دعمها لترامب خلال الانتخابات الأمريكية، كما دعمت "خيرت فيلدرز" اليمينى المتطرف فى الانتخابات الهولندية، وعقب استفتاء البريكسيت أعربت عن رغبتها فى طرح استفتاء مماثل للفرنسيين. لو بان تملك رؤية واضحة و متماسكة تجاه العولمة، إذ تعتبرها خطراً أفقد فرنسا الكثير من هويتها، وهو رأي يتبناه الشعبويون فى العالم، مثل ترامب الذى رفع شعار " أمريكا أولاً".
    لو بان التى حلت ثالثاً فى الأنتخابات الرئاسية الماضية عام 2012، تتصدر اليوم استطلاعات الرأي متفوقة على المرشح المستقل إيمانويل ماكرون ، و مرشح اليمين فرانسوا فيون. إذن ماذا اختلف فى الخمس سنوات الماضية ؟ دعنا نقول ان قضية الهجرة كان لها النصيب الأكبر فى صعود أسهم اليمين المتطرف على مدار الأعوام القليلة الماضية، خصوصاً هجرة المسلمين الى أوروبا، إذ يعتبر اليمين المتطرف أن تلك الهجرة ليس فقط تزيد من متاعبهم الأقتصادية و معدلات البطالة ، بل تمثل تهديداً واضحاً للتكوين اليدموغرافى الأوروبى ذو الطابع المسيحى.أثارت الأزمة السورية كل تلك الهواجس وأذكتها، حيث أصبحت هجرة السوريين كابوساً لدول الاتحاد الأوربى ،وهو ما دفع دولة مثل المجر لتعلن أنها سترحب فقط بالسوريين المسيحيين دون المسلمين. كل هذا يفسر استهداف اليمين المتطرف للمهاجرين المسلمين فقط، وليس الأفارقة، حتى أن صامويل هنتنجتون اعتبر فى كتابه صدام الحضارات ان المسيحية هي عنصر رئيسى فى الحضارة الغربية، يكفى أن نذكر أنه خلال مباريات كرة القدم فى بطولة أمم أوروبا التى عقدت فى فرنسا العام الماضى، طالب حزب الجبهة من اللاعب الفرنسى ذو الأصول الجزائرية "كريم بنزيمة" أن يعود الى بلاده، متجاهلاً أن معظم لاعبى المنتخب الفرنسى من أصحاب البشرة السمراء. ينبغى التوضيح أن المسيحية ربما لا تلعب ذلك الدور فى دولة علمانية عتيدة مثل فرنسا، لكن الخوف من الإسلام هو الهاجس الرئيس.
    حسناً، فوز لو بان بالأنتخابات سيعنى ببساطة خروج فرنسا من الاتحاد الأوربى، إذ أن شعبية لو بان قائمة بالأساس على دعاويها لعودة سيطرة الفرنسيين على أرضهم وليس على برنامج أقتصادى، كما أعربت أنها لا تريد أن تكون" تابعة لأنجيلا ميركل". وإذا قرر الفرنسيون منحها أصواتهم، فإن هذا سيعنى أنهم سيوافقون على الخروج من الأتحاد. خروج فرنسا من الاتحاد الأوربى هو بمثابة أنهيار الاتحاد كاملاً، إذ لن تستطيع ألمانيا أن تقيم صلب الاتحاد بمفردها بين دول تعانى من أزمات أقتصادية طاحنة وتسيطر عليها الشعارات الشعبوية.
    سيتعين على ألمانيا أن تغير تماماً من عقليتها و استراتيجيتها، إذ سبق أن قلنا أن فكرة الجماعة الأوروبية بنيت على أساس احتواء القوة الصناعية و العسكرية الألمانية، و فى وجود إدارة ترامب التى أعلنت ان على دول الناتو أن تتحمل تكاليف الدفاع الأمريكى عنها، و السياسة التوسعية للرئيس الروسى بوتين، تبدو ألمانيا مرشحة لتنهض بدور الدفاع عن القارة الأوربية بين تخاذل أمريكى و توسع روسى.
    ربما هذا السيناريو مغرق فى السوداوية، وربما من المستبعد حدوثه، لكن فوز لوبان بالانتخابات سيكون بمثابة ثورة فرنسية أخرى ليس من السهل توقع تبعاتها على الصعيد الأوروبى و الدولى بشكل عام.

حازم سلطان

الجمعة، 14 أبريل 2017

تركيا: أزمات فى الداخل و الخارج

تركيا: أزمة منتصف الطريق

مقدمة
    تمر الجمهورية التركية بتحديات خطيرة على الصعيدين الداخلى و الخارجى، فالأزمة السورية ألقت بظلالها على جُل السياسة الخارجية التركية وأصبحت كلمة السر فى علاقة تركيا بأوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية. داخلياً، تشهد تركيا انقساماً حاداً على خلفية انفراد الرئيس رجب طيب أردوغان و حزبه- العدالة والتنمية  بالمشهد السياسى بصورة يعتبرها كثير من المراقبين تهدد شخصية الدولة العلمانية ومستقبلها الديمقراطى، بالإضافة لسجل تركيا فى مجالي حرية التعبير و حقوق الأنسان، خصوصاً بعد الإنقلاب الفاشل فى منتصف يوليو\ تموز الماضى.

العلمانية فى تركيا
    فى عام 1999، اُنتخبت "مروة قاوجى" من حزب الفضيلة كأول نائبة ترتدى الحجاب، إلا أن رئيس الوزراء و عدد كبير من النواب لم يسمحوا لها بأداء القسم داخل البرلمان وما لبثت ان سقطت عنها الجنسية بحجة حصولها على جنسية أخرى دون موافقة الجكومة ! (1)
أما اليوم  فى 2017  فقد اختلفت الصورة تماماً، فزوجة رئيس الجمهورية ترتدى الحجاب، و كذلك أيضاً زوجة كل من رئيس البرلمان و رئيس الوزراء، و يمتلئ البرلمان التركى بالنائبات اللاتى ترتدين الحجاب، ثم أخيراً قرر الجيش التركى رفع الحظر عن ارتداء الحجاب على النساء اللاتى يخدمن بصفوفه، و هو القرار الذى أثار مخاوف قطاعات واسعة داخل المجتمع التركى
فالجيش الذى يعد بمثابة" حارس العلمانية" فى الجمهورية التركية منذ عهد مؤسسها كمال أتاتورك عام 1923، يبدو اليوم فى أضعف حالاته، ويظهر عاجزاً أمام السلطات المدنية التى تسعى لترويضه و إخضاعه، وربما إذلاله. جدير بالذكر أن حكومة العدالة والتنمية كانت قد وافقت على رفع حظر ارتداء الحجاب فى الحرم الجامعى منذ عام 2010، وسمحت أيضاً باتداءه فى المؤسسات الحكومية بدءاً من عام 2013 (2) . ورغم كل تلك المؤشرات الخطيرة، لا يترك أردوغان فرصة إلا ويؤكد تمسك الدول بالمنهج العلمانى.
    يتبنى أردوغان المفهوم الاستيعابى أو المتسامح للعلمانية، كالنموذج الأمريكى (secularism) وليس المفهوم التركى المستمد من العلمانية الفرنسية الصارمة (laicite، فالدولة وفقاً لتصوره- تقف على مسافة واحدة من كافة الأديان ولا تتدخل لفرض قيود على الممارسات الدينية للمواطنين، فى حين اعتادت تركيا الأتاتوركية على إبعاد الدين تماماً عن الحياة العامة أُسوة بالنموذج الفرنسى، بل ربما تفوقت عليه فى ممارستها الحادة تجاه أي نشاط يحمل طابع دينى. ينبغى القول أن جانباً كبيراً من مخاوف الأتراك يكمن فى شخص الرئيس اروغان بالأساس، فربما لو جاءت تلك التغييرات من حزباً مثل حزب الشعب الجمهورى، أو أي شخص يتحلى بقدر أكبر من التسامح تجاه خصومه ويتبنى سياسة أكثر عقلانية واعتدالاً ،لاختلفت الصورة. فالإجراءات السلطوية التى اتخذها الرجل فى السنوات الأخيرة خصوصاً فيما يتعلق بحرية الرأي والإعلام، ثم احتكار حزبه للسلطة منذ عام 2003، ويبدو أنه فى طريقه للاستمرار عشر سنوات أخرى على الأقل بعد الأستفتاء الدستورى المزمع عقده فى أبريل\ نيسان القادم.
    إذن صار واضحاً أن هناك تركيا فى طور الولادة، هي تركيا " الأردوغانية" ، تتبنى مفهوماً آخر عن العلمانية "الأتاتوركية"، أكثر استيعاباً و تسامحاً مع الممارسات الدينية، كما تتجه حكومة العدالة و التنمية نحو بسط نفوذها و سيطرتها على الجيش و الشرطة والقضاء، أي مؤسسات الدولة العلمانية العتيدة، حيث قامت الحكومة التركية منذ فشل الانقلاب فى يوليو الماضى بعزل أكثر من 2745 قاضياً، واعتقال ما يقارب 7 آلاف عسكرياً،  و عزل 8777 شرطياً (3). كل هذه المتغيرات الحادة تعيد إلى الأذهان ما ذكره المفكر الأمريكى "صامويل هنتجتون" فى كتابه الأشهر " صدام الحضارات"، حيث توقع أن تشهد تركيا تغيرات جذرية فى شخصيتها على يد زعيماً تركياً بحجم أتاتورك يجمع بين الدين و الشرعية السياسية، ويبدو أن تلك الكلمات قد اطلع عليها أردوغان و صمم على تحقيقها !

الديمقراطية فى تركيا
    أعلنت منظمة " مراسلون بلا حدود" أن تركيا هى أكثر دول العالم احتجازاً للصحفيين فى عام 2016، حيث ارتفع عدد الصحفيين المسجونين فى تركيا بمقدار أربعة أضعاف بعد الأنقلاب الفاشل فى يوليو\ تموز الماضى (4) ، كما بلغ عدد الصحفيين المحتجزين فى العالم 259 صحفياً بينهم 81 صحفياً فى تركيا وحدها (5) . ليس هذا كل شئ، فقد قامت السلطات التركية بحجب وسائل التواصل الاجتماعى ست مرات فى آخر عامين وإغلاق ما يقارب 3000 مؤسسة إعلامية و صحفية، فيما وصل اجمالى الموقوفين و المفصولين عن اعمالهم بعد الانقلاب الفاشل إلى 43325 عسكرياً و موظفاً (6). 
    أرقاماً مفزعة، تليق بدولة من دولة العالم الثالث الغارق فى الظلام، وليس بدولة تسعى للإنضمام الى الأتحاد الأوربى، و هو ما استدعى انتقادات شديدة اللهجة من الأتحاد الأوربى معتبراً أن تركيا تتراجع عن الألتزام بشروط عضويته، و ذكر فى تقريره السنوىان تركيا شهدت انتكاسة كبيرة على صعيد حرية التعبير (7)
    التدهور الحاد فى مؤشرات الديمقراطية و الحريات فتح باب التساؤلات حول مستقبل الديمقراطية فى تركيا، حيث تستبد الأغلبية الإسلامية بالسلطة متخذة قرارات يراها الكثيرون لا تتفق مع مبادئ و روح الديمقراطية، و هو ما دفع المراقبون للتساؤل حول جدوى آليات الديمقراطية طالما أنها لا تحقق فلسفتها، بل ربما تصطدم معها ! لذلك يمكن القول أنه ليس من المتوقع حدوث أختراق فى مجال الحريات العامة فى ظل استمرار النهج الحالى لأروغان الذى يشدد قبضته على أنفاس الأتراك يوماً بعد يوماً، و تدفعه الأزمات الخارجية المتلاحقة و العزلة التى تحاصر تركيا الى مزيد من التشدد فى الداخل. كما يبدو أن الضغوط الخارجية عليه فى مجال حقوق الإنسان سوف تتراجع فى ظل ارتفاع اسهم النظم الشعبوية فى الغرب، فادارة ترامب لن تضغط فى مجال حقوق الانسان والحريات مثل ادارة اوباما، فيما تواصل الاحزاب الشعبوية تقدمها فى أوربا، دافعة الاتحاد الاوربى نحو مزيد من الانكفاء على الذات لمواجهة المشاكل المتفجرة و المتلاحقة داخله، بدءاً بخروج بريطانيا، ثم فوز اليمين المتطرف فى بولندا و المجر ، و تصاعد اسهمه فى فرنسا و ألمانيا.

السياسة الخارجية التركية 
    تبنت حكومة العدالة والتنمية ثورات الربيع و دعمت عملية الانتقال السياسى فى تونس و مصر واليمن ، وقدمت دعماً سياسياً و عسكرياً للجماعات المسلحة فى سوريا. رأت تركيا فى ثورات الشعوب العربية فرصة لتوسيع قاعدة نفوذها فى الشرق الأوسط و شجعت تدفق مستثمريها إلى تونس و مصر خصوصاً، وراهنت على الإسلاميين -بالأخص جماعة الإخوان المسلمين- باعتبارهم الحصان الأسود لتلك الثورات.
    الملاحظ هنا أن تركيا تخلت عن نهجها البراجماتى فى تدعيم نفوذها السياسى و فتح أسواقاً جديدة لأقتصادها الصاعد، وتبنت عركات وأحزاب سياسية  وعسكرية فى سوريا- يغلب عليها الطابع الاسلامى السنى، و هو ما يبدو اليوم فى 2017 أن تركيا قد خسرت رهانها فى كل الملاعب. خسرت تركيا علاقاتها مع مصر و سوريا و العراق ثم روسيا بعد إسقاط إحدى مقاتلاتها بحجة اختراق الأجواء التركية، ثم تأزم علاقاتها مع الأتحاد الأوربى على خلفية سجلها فى مجال الحريات العامة ، بالإضافة لشعور الاتحاد الأوربى بتعرضه لعملية ابتزاز من قبل تركيا فى ملف اللاجئين، ومع الولايات المتحدة لم تكن الصورة أفضل، فقد طالبتها إدارة الرئيس  السابق أوباما بفرض مزيد من الرقابة على حدودها مع سوريا، وهو تلميح و اتهام ضمنى بضلوع تركيا فى تسهيل دخول المقاتلين و الأرهابيين الى سوريا، كما أن سياسة اوباما الرامية الى الانسحاب أو عدم التدخل المباشر فى مستنقع الشرق الأوسط رأت فى تركيا عنصراً مشاركاً فى حرباً بالوكالة فى سوريا و غير جدير بالثقة، و مع إيران، خيم التوتر على العلاقات بين البلدين و اكتفى كلاهما بالحفاظ على العلاقات الأقتصادية القوية بين البلدين حيث تجاوز التبادل التجارى بينهما حاجز ال 40 مليار دولار (8)
    فى اللحظة التى سبقت الأنقلاب الفاشل فى منتصف يوليو\ تموز 2016، بدت تركيا فى وضع لا تُحسد عليه، دولة شبه معزولة سياسياً و تحظى سياستها بسمعه غير طيبة بسبب لهجة و سياسة رئيسها الشعبوية. كان فشل الانقلاب بمثابة فرصة ذهبية لأردوغان أعادت للأذهان ان حكومة العدالة و التنمية تظل حكومة ديمقراطية منتخبة من الشعب، لكن الرجل تعامل مع الوضع بصورة مختلفة، فبدلاً من استغلال الإدانات الدولية لترميم علاقات تركيا الخارجية، اطلق الرجل يديه على مفاصل الدولة و أطاح بأكثر من 40 ألف عسكرياً و قاضياً و مدنياً من وظائفهم، و هي إجراءات لم تتخذها نُظماً توصف اليوم بأنها ديكتاتورية، كما توعد بإعادة العمل بعقوبة الإعدام فى خطوة تعتبر بمثابة رصاصة الرحمة على محاولات الأنضمام للاتحاد الأوربى (9) ، وعلى الحريات فى تركيا بشكل عام.
    كل هذه الإجراءات عمقت الفجوة بين تركيا من ناحية ، و الأتحاد الأوربى و الولايات المتحدة من جهة أخرى، وأصبحت العلاقات التركية الروسية شيئاً فشيئاً أكثر تقارباً، حيث أعتبر أردوغان أن روسيا بادرت بإدانة الأنقلاب سريعاً فى حين تأخرت ردود الأفعال الأوربية و الأمريكية. لكن تركيا فى تلك اللحظة أدركت أنها بحاجة الى ترتيب بيتها من الداخل و أن الأنخراط فى الشأن السورى لم يعد مجدياً، فتخلت عن فكرة الإطاحة بالأسد و تراجعت عن دعمها المطلق للفصائل المسلحة فى مقابل دعم الحرب على الأكراد وهو مثابة انقلاب كامل فى السياسة التركية تجاه سوريا (10).
    الخلاصة، تتجه تركيا نحو مزيد من التقارب مع روسيا و مزيد من التأزم مع الاتحاد الأوربى، فيما ينتظر الجميع استجلاء السياسة الخارجية لإدارة ترامب. لكن من المتوقع أن تصبح سياسة أردوغان أكثر براجماتية خصوصاً فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط بعد استفتاء تعديل الدستور فى أبريل\نيسان القادم و استقرار المناخ السياسى الداخلى ربما ينعكس على صانع السياسة الخارجية التركية.

الهوامش و المراجع
(1)كورو،أحمد .العلمانية و سياسة الدولة تجاه الدين الولايات المتحدة، فرنسا، تركيا  ص 296

(2) http://www.bbc.com/arabic/world-39054038 بى بى سى، السماح لنساء الجيش التركى بارتداء الحجاب، 22 فبراير 2017

(3) https://arabic.rt.com/news/832720-%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B4%D9%84-%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D8%B7%D8%A7%D9%84-%D9%82%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%88%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A9-%D9%88%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%86/
روسيا اليوم، حملة اعتقالات فى تركيا، 18 يوليو 2016
(5) المصدر السابق

(6) http://www.dostor.org/996263  جريدة الدستور، قمع الاعلام فى تركيا، 5 مارس 2016

الجزيرة نت ، الاتحاد الأوربى: تركيا تتراجع عن التزامات العضوية، تم الاطلاع بتاريخ 5 مارس 2017

(8)سعيد، كرم - التقاطع التركى الإيرانى فى العراق،مجلة السياسة الدولية ،العدد 207 ص 140

(10)أوغلو،محمد  مجلة المستقبل العربى، العدد 456 

-هنتنجتون، صامويل ـ  صدام الحضارات ـ مكتبة الأسرة 2014
-كورو، أحمد  العلمانية و سياسة الدولة تجاه الدين فى الولايات المتحدة ، فرنسا ، تركيا  الشبكة العربية للأبحاث و النشر، الطبعة الأولى بيروت 2012
-جون بيندر و سايمون أشروود ، مقدمة قصيرة جداً عن الاتحاد الأوربى  مؤسسة هنداوى، الطبعة الأولى 2015

السبت، 1 فبراير 2014

مستقبل المؤسسة العسكرية فى السلطة


فى كل دول العالم الثالث،تقوم المؤسسه العسكريه بدور العمود الفقرى لتلك الدول
فإما أن يكون الحاكم من رجال القوات المسلحه أو على الأقل يحظى بدعمها،وربما يرجع ذلك لدورها فى حركات التحرر التى مرت بها تلك الدول فى القرن العشرين.

أريد أيضاً أن أشير إلى الفارق بين ما يسمى ب"الحكم العسكرى" و "حكم مدنى تحت غطاء عسكرى"، مثلاً عندما قامت ثوره ٢٥ يناير لم يكن النظام القائم آنذاك نظاماً عسكرياً، ف كانت مصر تشهد قدراً معقولاً من الحريه مقارنه ب جيرانها فى المنطقه و بتاريخها القريب،و كل أعضاء الحكومه ورئيسها من خارج الجيش منذ ما يقرب من عشرين عاماً،إذن تستطيع أن تقول ان الثوره قامت على نظام "رجال الأعمال" و ما سيطر عليه من فساد فى كل مرافق الدوله،إنما كان النظام مرتبط ب غطاء عسكرى،ف رئيس الدوله-حسنى مبارك- استمد شرعيته من كونه أحد أبطال حرب أكتوبر،على الأقل حتى عام ٢٠٠٥ الذى شهد انتخابات رئاسيه
أما إذا أردت أن تعرف ب ما يسمى ب الحكم العسكرى،فارجع الى فتره حكم جمال عبد الناصر(وهى الوحيده التى يمكن وصفها بذلك) او حكم ستالين او أى نظام شمولى.
*******
هناك شبه إجماع فى مصر الآن على وجود فجوة كبيره بين جيلين، الجيل الأول الذى شهد حربى ٦٧ و اكتوبر ٧٣ أو ٢٣ يوليو ،والجيل الثانى الذى ولد فى الثمانينات وما بعدها
ف الجيل الأول جزء كبير منه التحق ب الجيش اثناء الحرب مع اسرائيل،وتأثر كثيراً بتضحيات القوات المسلحه،وآمن ب"أحقية" القوات المسلحه فى "القصر الجمهورى"،حتى جيل الشباب النشط فى فترة السبعينات لم يطالب ب "إسقاط" شخص الحاكم او شرعيته المستمده من اكتوبر ٧٣ او يوليو ٥٢،وهذا الجيل لم يشارك فى ثوره ٢٥ يناير إلا قليلاً،وكان ينظر اليها 
نظرة المستريب فى الأمور،والغير واثق فى الشباب الذى أطاح ب النظام العجوز!
وليس فى هذا شيئاً غريباً،فكلما تقدم الفرد فى السن كلما قلت رغبته فى التغيير وزاد تفكيره قبل كل خطوه،وكان هؤلاء ما سمى وقتها ب "حزب الكنبه"، وكانوا أيضاً هم أغلب المصوتون للفريق أحمد شفيق فى الانتخابات ب منطق "اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش"، كما أن أغلبهم متأثر بالتجربه الناصريه وعلاقتها ب تنظيم الإخوان

أما الجيل الثانى فلم يشهد كل هذه المشاهد،وكل معلوماته عنها كانت فى الواقع "محّرفه"،فلم يتأثر كثيراً ب الروايات المتناقله عن بطولات الجيش،بل وجد جيشه يتلقى سلاحه من نفس المصدر الذى يتلقى غريمه منه السلاح،ولم يشهد حدثاً بسببه يلتف حول جيشه،فكانوا هم وقود ثوره يناير،التى انحاز لها الجيش لرغبته الواضحه فى وقف عمليه التوريث،ورحّب الشباب ب "حسن نيه" ب تولى المجلس العسكرى مقاليد الأمور خلفاً لمبارك،لكن شهر العسل لم يدم كثيراً،وبدا أن الأمور تتأزم بينهم يوماً بعد يوم
وليس هذا بالغريب،ف الشباب ب طبعه أكثر اندفاعا وأقل صبراً على نقيض أعضاء المجلس العسكرى الذين تزيد أعمارهم عن ال ٦٠ عاماً
*******
فى أغسطس ٢٠١٣ أطاح الرئيس المعزول محمد مرسى ب المجلس العسكرى،و هو فى الواقع كان آخر أجيال حرب أكتوبر،وأختار اللواء عبد الفتاح السيسى ليبدأ جيلاً جديداً من قادة القوات المسلحه لا ينتمون لحرب أكتوبر،بل يدين ب الولاء ل"الصندوق"
ثم  جرت مياه كثيره فى النهر، وحدث ما حدث فى ٣٠ يونيو و اختلفت الأمور
فانتعشت شعبية المؤسسه العسكريه و شعبيه قائدها، الذى يبدو فى طريقه لتولى زمام الأمور فى البلاد

والسيسى كما هو معلوم ليس من جيل أكتوبر،و هنا تكمن بدايه المشكله،ف السيسى قادر على حسم الأنتخابات أمام أى مرشح مدنياً أو عسكرياً،لكن ماذا بعد ٤ أعوام؟ سأمشى معك حتى نهايه الطريق وأخبرك أن السيسى حكم مصر لمده ٨ أعوام حقق فيها نجاحاً مقبولاً لا بأس به،لكن لاحظ أنه هنا استند إلى شرعية"الصندوق"
بتقدم الزمن سيختفى تماما ما وصفته سابقاً ب الجيل الأول-الذى شهد أكتوبر- وسيصعد الجيل الثانى ليحتل هذا الموقع،وستظهر أجيال جديده مثلها مثل الجيل الثانى،لا تنظر للجيش باعتباره له الأحقيه فى القصر الجمهورى
وهنا سنصل إلى نقطه سيكون عندها من المستحيل أن يفوز بالإنتخابات رجلاً عسكرياً(إذا أجريت انتخابات)
وإذا تحولنا إلى نظام لايؤمن ب الأنتخابات،ف لن تكون هناك شرعيه يستند إليها !
إذن ف كيف نضمن بقاء رجلاً عسكرياً فى القصر الجمهورى على المدى البعيد؟ الحل هو-من وجهة نظرى- فى الحرب !
الحرب هى  المبرر الأقوى لبقاء رجلاً عسكرياً فى القصر،ف سواء انتصرت ستكتسب شرعية من هذا الأنتصار،أو انهزمت ستجدد الحجه لبقاء الجيش فى موقع السلطه
أو على الأقل وضع البلد فى حاله الحرب،شئ شبيه ب حاله الطوارئ وهذاشئ جائز مع ظروف دولة ب حجم مصر تواجه تحديات أقليميه و دوليه كثيره،ف عن الغرب تجد ليبيا مهدده ب التقسيم وهو أمر لا يمكن لمصر أن تسمح به وغير مستبعد احتماليه توجيه ضربه عسكريه للإنفصاليين،
وعن الشرق تظل اسرائيل  خطراً دائماً وتحت أى ظرف
وفى الجنوب تجد أثيوبيا وعداوتها التاريخيه مع مصر،وجنوب  السودان الباحث عن شركاء جدد فى اسرائيل،
بالإضافه للمنافسه الدائمه مع نيجريا و جنوب افريقيا وإن كان هذا احتمال بعيد
والله أعلم،،

الأربعاء، 18 ديسمبر 2013

مستقبل الديمقراطيه فى مصر

بعد سقوط حائط برلين،اعتبر "فرانسيس فوكوياما" ان هذا الحدث ب مثابه "نهايه التاريخ" !
كان سقوط الحائط فى نظره ليس فقط دليلاً على انهيار الأتحاد السوفيتى أمام الولايات المتحده،بل دليلاً على سقوط مبادئ الاتحاد السوفيتى ونجاح مبادئ الديمقراطيه والحريه التى ستسود العالم كما توقع ،وانتهاء الماديه او الحتميه التاريخيه التى آمن بها ماركس !
أثارت النظريه لغطاً،حتى جاءت أحداث الحادى عشر من سبتمبر التى جعلت جورج بوش ان فوكوياما كان على صواب،لكنه لن ينتظر حتى تسود الديمقراطيه بل سيتدخل بنفسه ليفرضها!

ثم وقعت أحداث ما عُرف بعد ذلك ب الربيع العربى-المصطلح الذى اطلقته الصحافه الغربيه-فتأكدوا أكثر وأكثر!
ها هم العرب يثورون شوقاً للحريه والديمقراطيه والتعدديه وكل مبادئ الغرب!

ف لماذا فشلت الديمقراطيه تقريباً فى كل دول الشرق الأوسط؟ والشرق الأقصى أيضاً لكنه ليس موضوعنا الآن ،،

لكن قبل ان نجاوب هذا السؤال،سأطرح عليك سؤالاً آخر
هل قامت الثورات العربيه حقاً من أجل الديمقراطيه؟

،،،،،
عند الحديث عن التحول الديمقراطى لا بد من وضع عده عوامل فى الأعتبار ابرزها
١-طريقه التحول،هل هو سلمى أم لا
٢-الوضع الاقتصادى
٣-الموروث الثقافى
٤-الكثافه السكانيه

فى الدول العربيه،لم يكن التحول سلمياً بأى حال من الأحوال بل تبعه فوضى فى كل مرافق الحياه،وكانت الفوضى اكثر واكثر فى مراكز صنع القرار
أما الوضع الاقتصادى ،فهناك تباين بين الدول التى تعرضت للثورات،ف تونس كانت توصف بأنها دوله مستقره اقتصادياً،وليبيا يمكن وصفها كذلك،أما مصر واليمن و سوريا فلا
وأما الموروث الثقافى،فهو غير موجود بالمره،فلم تختبر هذه الدول حياه ديمقراطيه حقيقيه تجعلها من موروثتها الثقافيه التى ترفض التنازل عنها،وحتى مصر،التى شهدت حقبه يمكن وصفها بالديمقراطيه،حكم حزب الأغلبيه-الوفد-سبع سنوات من أصل ثلاثين سنه،قضى معظمها حكومات فاسده مواليه للملك،بالإضافه الى ان معظم المصريين بالكاد يذكرون هذه الحقبه !!

اما الكثافه السكانيه فهو فى مصر من أعلى الكثافات فى العالم،حيث يعيش المصريون-٩٠ مليون- على حوالى ٤٠ ألف كيلومتر مربع فقط
،،،،
عندما طُرحت الديمقراطيه فى مهدها،كان الهدف منها إشراك الشعب فى اتخاذ القرار وضمان النجاح على المدى البعيد
كان هذا فى القرن ال ١٨ و ال ١٩ ثم انتشرت نسبياً فى القرن ال ٢٠
وبنظره بسيطه على تلك الدول،على الرغم من بساطه الحياه آنذاك،إلا أن التحول الديمقراطى جلب لها الدمار مبكراًًًًًً سواء فى فرنسا أو أمريكا(القرن ١٩) ثم ألمانيا على يد هتلر
فماذا تتوقع أن يحدث فى دوله تتحول ديمقراطياً فى القرن ال ٢١،اقتصادها مريض،حكومتها فاسده،يعيش فيها ٩٠ مليوناً على ٤٠ الف كم مربع ؟
بأى حسابات بسيطه،مصر لا تتحمل دفع ذلك الثمن الباهظ،وبالإضافه إلى ذلك فإن المصريين لا يعشقون الديمقراطيه للدرجه التى تدفعهم للتضحيه من أجلها
فى ميادين مصر وتونس أثناء الثوره، رُفعت صور جمال عبدالناصر و الحبيب بورقيبه

وكلاهما لمن لا يعرف،كان اكثر ديكتاتوريه بكثير من مبارك وبن على،الفارق ان كلاهما عُرف عنه نظافه اليد
ربما تكون فئه الشباب التى بدأت شراره الثورات مؤمنه بالديمقراطيه،لكن جموع الشعب التى انضمت للثوره لم تكن كذلك

،،،،،
بعد الثوره،تمت مقارنه مصر ب تركيا،أو البرازيل،أو الهند،أو جنوب افريقيا
الغريب ان هذه الدول قطعت شوطاً لا بأس به من الديمقراطيه قبل ان تحقق نهضتها،كماانها لم تخضع ل ثورات على غرار ٢٥ يناير،باختصار كانت المقارنه فى غير محلها لأن هذه الدول كانت ظروفها أفضل بكثير

وإذا أخذت فى الاعتبار الاقتصاد المصرى الآخذ فى التدهور،والذى وصفه احد الاقتصاديين ب صحيفه التايمز البريطانيه انه يحتاج الى عشرون عاماً من الاصلاحات الاقتصاديه ليتعافى،والديمقراطيه لا تضمن لك هذا !
،،،
فى بريطانيا"مهد الديمقراطيه"
تم انتخاب كاميرون عام ٢٠١٠ بنسبه ٣٦٪ من اجمالى الاصوات
فى انتخابات شارك فيها ٦٥٪ فقط ممن لهم حق التصويت
هذا فضلاً عن ملايين البريطانيين الغير مسجلين فى القوائم الانتخابيه
أى أن كاميرون الذى جاء للترويج للديمقراطيه فى الشرق،هو نفسه لم يحظ بدعم إلا ١٥٪ من البريطانيين !!

اذن نحن فى عصر يتفاخر بأنه عصر الحريات والديمقراطيه،ف ماذا لو كان العكس هو الصحيح؟
فدرجه الديمقراطيه فى نهايه الأمر تقاس بمدى التأثير الذى يمارسه الشخص العادى فى مستقبل بلده
ف ليس القيام بتزوير الانتخابات إلا صوره واحده،و صوره بدائيه للغايه من تدهور النظام الديمقراطى،الصوره الحديثه هى أن لا تدرك انك لا تؤثر فى مستقبل بلدك،سواء انتخبت هذا اوذال،فالحقيقه ان البرامج الحزبيه تكاد تكون متطابقه مهما خدعتك شعارات الحريه او المحافظه !
،،،
إذن ف مصر لن تسير نحو الديمقراطيه،حتى لو بدا غير ذلك من أشكال الانتخبات والاستفتاءات
وأنا لا هنا لا أروّج للديكتاتوريه،ولا أبكى على الديمقراطيه الزائفه
وللحديث بقيه

الخميس، 25 أغسطس 2011

الرأسمالية..2

مرت الرأسمالية بمراحل مختلفة إذن ،فى البداية خضعت لسيطرة التاجر ومنها أطلق عليها "نظام السوق" ، ومع الثورة الصناعية خضعت للمصنع،فأصبح المصنع يتحكم فى ما يصدر للسوق ومن ذلك ظهر التخصص وتحسن مستوى الإنتاج..إلخ

مع القرن العشرين اهتزت الرأسمالية كثيراً، وقال الكثيرون أن نبوءة كارل ماركس قد تحققت، فصعدت الأحزاب الإشتراكية للحكم فى دول أوربا الغربية ووصلت البروليتاريا للحكم فى روسيا والصين ، وازداد فقر الفقراء من العمال و غنى الأغنياء من المستثمرين، إلى أن ظهرت أقوى أزمة اقتصادية حتى ذلك الحين فى 1930 والتى عرفت ب"الكساد الأعظم" فنتيجة الفقر الذى انتشر بين العمال-والذين يشكلون الأغلبية العظمى فى كل المجتمعات وقتئذ- قل الإقبال على المنتجات إلى أن تلاشى فخسر المستثمرون معظم أموالهم ،فخسرت الولايات المتحدة 13% من اقتصادها فى يوم "الإثنين الأسود"  وارتفعت نسبة البطالة فى معظم الدول نتيجة تسريح العمال حتى وصلت إلى 40% فى بعض الدول الكبرى.

فى تلك الفترة، انقسم الاقتصاديون إلى قسمين، الأول مصمم على النمط التقليدى للرأسمالية الذى يرفض تدخل الدولة فى شئون السوق مؤكدين أن تدخل الدولة سيفاقم الأزمة ولن يحلها ، أما الفريق الآخر فطالب بضرورة تدخل الدولة وبسرعة حتى يتم إتقاذ اقتصاد الدولة من الغرق ووضعوا عدة خطوط لذلك التدخل، أبرزها وضع حد أدنى لأجور العمال و التأمين على حياتهم صحياً ومادياً ومزيداً من الإجراءات الوقائية للعمال ..الجدير بالذكر ان قانون التأمين الصحى هذا الذى أقرته بريطانيا فى أربعينيات القرن الماضى، ظل محور نقاش هام فى الولايات المتحدة حتى أقره أوباما فى عام 2009 !

صادف فى تلك الفترة(1930-1940) صعود زعيمان ساعدا فى خروج العالم من أزمته، هما هتلر فى ألمانيا وروزفلت فى أمريكا، تبنى هتلر مشروع ضخم من التسليح والتوسع فى الصناعة التحويلية ، كما أعتمد روزفلت فى دعايته الانتخابية على برنامجه الاقتصادى الذى يتضمن تدخل الدولة فى السوق،ساعدت هذه الظروف فى تخفيف وطئة الأزمة الأقتصادية، ثم جرت أحداث الحرب العالمية الثانية التى حصدت ما بين 30-60 مليون قتيل، فى فترة الحرب تم استهلاك بالطبع ما كان فائضا لأن الحرب كانت طويلة واتسعت ميادينها فى ثلاث قارات، وعندما خرج العالم من الحرب كانت أزمة الكساد قد حل محلها أزمة الشح ! كانت أوربا وروسيا واليابان شبه مدمرة تماما ،فظهرت الولايات المتحدة والدولار الأمريكى كقوة صاعدة ومهيمنة على الساحة الأقتصادية ، وفى نفس الوقت زاد الإقبال على السلع الأمريكية والدولار الأمريكى فظهرت أزمة الدولار فى 1951 نتيجة زيادة الإقبال على الدولار كعملة دولية بدلا من الاسترلينى

قبل نهاية الحرب بقليل أقرت الولايات المتحدة وبريطانيا نظاما صارماً بحيث يمنع قيام حرب أخرى، فتم تأسيس صندوق النقد والبنك الدولى، وكان هدفه هو مساعدة الدول التى تأثرت بالحرب وتتحكم فى عجلة الاقتصاد بما يمنع قبام حرب أخرى ، لكن عندما تولى ترومان الحكم فى الولايات المتحدة، وضهع مشروع مارشال لتنمية دول أوربا وكانت اليابان تحت الأحتلال الأمريكى، فتوجه صندوق النقد والبنك الدولى إلى تعمير الدول النامية، وكان البنك خاضع تماماً للولايات المتحدة وكانت وظيفته إحلال الاحتلال العسكرى البريطانى والفرنسى باحتلال اقتصادى أمريكى، ومحاربة الشيوعية فى نفس الإطار...

الأربعاء، 17 أغسطس 2011

الرأسمالية..1

هل هى ظاهرة اجتماعية؟ أم هى نظرية لها قواعدها وأسسها؟
هل لها أنماطها التى تختلف من دولة لأخرى ؟ أم أنها ثابتة فى كل مكان؟
هل تطورت بمرور الزمن ؟ أم أنها ثابتة منذ أن عرفناها؟

أسئلة كثيرة من هذا القبيل طُرحت على من كثير من أصدقائى ، فقررت أن أبحث لأصل إلى النتيجة،لأنى كنت أجهلها أيضاً

للنظام الرأسمالى مصطلح آخر هو" نظام السوق" ، ورغم أن السوق ليس إلا جزءاً من الرأسمالية إلا أنه جزءاً جوهرياً وأساسياً لقيامها
عرف الإنسان التجارة والتبادل التجارى منذ القِدم، فكانت تقتصر على إشباع حاجات الناس الأساسية ، أى أن حاجات الناس كانت تتحكم فى السوق، حيث يجتمع محموعة من الأفراد"التجار" فى مكان محدد"السوق" وفى مواسم معينة ، لتبادل السلع، وكانت تلك الأسواق تتسم بطابع "الشمولية"فالرجل الذى يتاجر فى المواشى هو نفسه الذى يتاجر فى الذهب ، والذى يتاجر فى الذهب هو نفسه الذى يتاجر فى الخشب وهكذا..

فى القرنين الخامس عشر والسادس عشر ، عُرفت الاكتشافات الجغرافية فيما عُرف ب"الثورة الجغرافية" وأدى ذلك إلى التوسع فى التجارة ، ومع تمدن الشعوب ظهرت الحاجة إلى أسواق دائمة ، فى هذه الفترة كان "السوق" يعتمد بشكل أساسى على التاجر،فهو يجلب البضاعة من مكان ليبيعها فى مكان آخر ، وكيفما تحسنت حالة التاجر، تحسنت حالة السوق

فى القرنين السابع عشر والثامن عشر عُرفت الثورة الصناعية ، وكان آدم سميث قد دعا قبلها إلى "التخصص" فقال " إن الثروة ليست بالمال أو الذهب أو تلك المظاهر،إنما الثروة فى الإنتاج وخصوصا الإنتاج الصناعى" ومن هنا ظهر التخصص، فكل تاجر تخصص فى سلعة معينة يتاجر بها،حينها تحولت السيطرة على السوق من "التاجر" إلى " المُصنع"،فاتسعت الأسواق وتخصصت هى الأخرى، فظهرت أسواق المواشى وأسواق الذهب وأسواق الخشب وهكذا..

إذن ف"الرأسمالية" ليست نظرية-كالإشتراكية- وليست قاعدة علمية لها كتبها وقواعدها ، بل هى ظاهرة اجتماعية تطورت بمرور الزمن وتلائمت مع ظروف مجتمعاتها ،وطُبقت بأساليب شتى فى أماكن شتى ، لكن نستطيع القول أنه منذ منتصف القرن التاسع عشر حينما كانت بريطانيا وفرنسا قد أتمتا نهضة أقتصادية وأمريكا وألمانيا على وشك إتمامها ، بدأت الرأسمالية تسلك منحنى آخر أو ربما منحنى أكثر تطوراً ، حيث بدأ التنظير لها لتتمكن من مجابهة المشاكل التى هى عرضة لها خاصة مع ظهور كارل ماركس الذى تنبأ بسقوط الرأسمالية فى أكثر الدول تقدماً وإحلالها بالإشتراكية... وللحديث بقية...