الأربعاء، 18 ديسمبر 2013

مستقبل الديمقراطيه فى مصر

بعد سقوط حائط برلين،اعتبر "فرانسيس فوكوياما" ان هذا الحدث ب مثابه "نهايه التاريخ" !
كان سقوط الحائط فى نظره ليس فقط دليلاً على انهيار الأتحاد السوفيتى أمام الولايات المتحده،بل دليلاً على سقوط مبادئ الاتحاد السوفيتى ونجاح مبادئ الديمقراطيه والحريه التى ستسود العالم كما توقع ،وانتهاء الماديه او الحتميه التاريخيه التى آمن بها ماركس !
أثارت النظريه لغطاً،حتى جاءت أحداث الحادى عشر من سبتمبر التى جعلت جورج بوش ان فوكوياما كان على صواب،لكنه لن ينتظر حتى تسود الديمقراطيه بل سيتدخل بنفسه ليفرضها!

ثم وقعت أحداث ما عُرف بعد ذلك ب الربيع العربى-المصطلح الذى اطلقته الصحافه الغربيه-فتأكدوا أكثر وأكثر!
ها هم العرب يثورون شوقاً للحريه والديمقراطيه والتعدديه وكل مبادئ الغرب!

ف لماذا فشلت الديمقراطيه تقريباً فى كل دول الشرق الأوسط؟ والشرق الأقصى أيضاً لكنه ليس موضوعنا الآن ،،

لكن قبل ان نجاوب هذا السؤال،سأطرح عليك سؤالاً آخر
هل قامت الثورات العربيه حقاً من أجل الديمقراطيه؟

،،،،،
عند الحديث عن التحول الديمقراطى لا بد من وضع عده عوامل فى الأعتبار ابرزها
١-طريقه التحول،هل هو سلمى أم لا
٢-الوضع الاقتصادى
٣-الموروث الثقافى
٤-الكثافه السكانيه

فى الدول العربيه،لم يكن التحول سلمياً بأى حال من الأحوال بل تبعه فوضى فى كل مرافق الحياه،وكانت الفوضى اكثر واكثر فى مراكز صنع القرار
أما الوضع الاقتصادى ،فهناك تباين بين الدول التى تعرضت للثورات،ف تونس كانت توصف بأنها دوله مستقره اقتصادياً،وليبيا يمكن وصفها كذلك،أما مصر واليمن و سوريا فلا
وأما الموروث الثقافى،فهو غير موجود بالمره،فلم تختبر هذه الدول حياه ديمقراطيه حقيقيه تجعلها من موروثتها الثقافيه التى ترفض التنازل عنها،وحتى مصر،التى شهدت حقبه يمكن وصفها بالديمقراطيه،حكم حزب الأغلبيه-الوفد-سبع سنوات من أصل ثلاثين سنه،قضى معظمها حكومات فاسده مواليه للملك،بالإضافه الى ان معظم المصريين بالكاد يذكرون هذه الحقبه !!

اما الكثافه السكانيه فهو فى مصر من أعلى الكثافات فى العالم،حيث يعيش المصريون-٩٠ مليون- على حوالى ٤٠ ألف كيلومتر مربع فقط
،،،،
عندما طُرحت الديمقراطيه فى مهدها،كان الهدف منها إشراك الشعب فى اتخاذ القرار وضمان النجاح على المدى البعيد
كان هذا فى القرن ال ١٨ و ال ١٩ ثم انتشرت نسبياً فى القرن ال ٢٠
وبنظره بسيطه على تلك الدول،على الرغم من بساطه الحياه آنذاك،إلا أن التحول الديمقراطى جلب لها الدمار مبكراًًًًًً سواء فى فرنسا أو أمريكا(القرن ١٩) ثم ألمانيا على يد هتلر
فماذا تتوقع أن يحدث فى دوله تتحول ديمقراطياً فى القرن ال ٢١،اقتصادها مريض،حكومتها فاسده،يعيش فيها ٩٠ مليوناً على ٤٠ الف كم مربع ؟
بأى حسابات بسيطه،مصر لا تتحمل دفع ذلك الثمن الباهظ،وبالإضافه إلى ذلك فإن المصريين لا يعشقون الديمقراطيه للدرجه التى تدفعهم للتضحيه من أجلها
فى ميادين مصر وتونس أثناء الثوره، رُفعت صور جمال عبدالناصر و الحبيب بورقيبه

وكلاهما لمن لا يعرف،كان اكثر ديكتاتوريه بكثير من مبارك وبن على،الفارق ان كلاهما عُرف عنه نظافه اليد
ربما تكون فئه الشباب التى بدأت شراره الثورات مؤمنه بالديمقراطيه،لكن جموع الشعب التى انضمت للثوره لم تكن كذلك

،،،،،
بعد الثوره،تمت مقارنه مصر ب تركيا،أو البرازيل،أو الهند،أو جنوب افريقيا
الغريب ان هذه الدول قطعت شوطاً لا بأس به من الديمقراطيه قبل ان تحقق نهضتها،كماانها لم تخضع ل ثورات على غرار ٢٥ يناير،باختصار كانت المقارنه فى غير محلها لأن هذه الدول كانت ظروفها أفضل بكثير

وإذا أخذت فى الاعتبار الاقتصاد المصرى الآخذ فى التدهور،والذى وصفه احد الاقتصاديين ب صحيفه التايمز البريطانيه انه يحتاج الى عشرون عاماً من الاصلاحات الاقتصاديه ليتعافى،والديمقراطيه لا تضمن لك هذا !
،،،
فى بريطانيا"مهد الديمقراطيه"
تم انتخاب كاميرون عام ٢٠١٠ بنسبه ٣٦٪ من اجمالى الاصوات
فى انتخابات شارك فيها ٦٥٪ فقط ممن لهم حق التصويت
هذا فضلاً عن ملايين البريطانيين الغير مسجلين فى القوائم الانتخابيه
أى أن كاميرون الذى جاء للترويج للديمقراطيه فى الشرق،هو نفسه لم يحظ بدعم إلا ١٥٪ من البريطانيين !!

اذن نحن فى عصر يتفاخر بأنه عصر الحريات والديمقراطيه،ف ماذا لو كان العكس هو الصحيح؟
فدرجه الديمقراطيه فى نهايه الأمر تقاس بمدى التأثير الذى يمارسه الشخص العادى فى مستقبل بلده
ف ليس القيام بتزوير الانتخابات إلا صوره واحده،و صوره بدائيه للغايه من تدهور النظام الديمقراطى،الصوره الحديثه هى أن لا تدرك انك لا تؤثر فى مستقبل بلدك،سواء انتخبت هذا اوذال،فالحقيقه ان البرامج الحزبيه تكاد تكون متطابقه مهما خدعتك شعارات الحريه او المحافظه !
،،،
إذن ف مصر لن تسير نحو الديمقراطيه،حتى لو بدا غير ذلك من أشكال الانتخبات والاستفتاءات
وأنا لا هنا لا أروّج للديكتاتوريه،ولا أبكى على الديمقراطيه الزائفه
وللحديث بقيه

هناك 3 تعليقات:

  1. جميل يا دكتور ربنا يكرمك ليك مستقبل في التجليل ان شاء الله...لكن لي تعليقات...اولا انك استدليت على عدم السلميه بحدوث الفوضى بعد الثوره وانا ارى انه استدلال غير صحيح لان السلميه من عدمها تقاس بمقدار حمل السلاح ومواجهة النظام به .....ثانيا ان الطبيعي ان من يحمل حلم التغيير لا يكون الشعب كله ولكن دعاة التغييرفيه والمثقفين الذين لديهم القدره على تحمل وفهم المشاكل التي تحدث بعد اي عمليه تغيير للنظام ان كانوا حقا لديهم الرغبه في ذلك...ثالثا. بغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا مع الاخوان ما حدث في مصر بعد الثوره كانت تجربه ديمقراطيه شارك الشعب كله فيها....ليس معنى ان الاخوان الذين نكرههم قد نجحوا فيها او ان الناس كان عندهم تخوف انهم هاياخدوا السلم معاهم فوق انها لم تكن كذلك...ولكن الواقع ان الناس رفضتها سواء بقصد او بدون وفضلت النظام الدكتاتوري الذي ليس فيه شك بغض النظر عن نية كل واحد فيهم ....اخيرا قضيه ان الديمقراطيه او الديكتاتورية ليس بينهما فارق في تحسين الحاله الاقتصاديه او الثقافيه فهو امر فيه كلام لكن ما افهمه انا من خلال المنطق والتاريخ ان اي نظام ينتشر فيه العدل والامان والمساواه يحدث فيه حتما تجسن اقتصادي وثقافي بغض النظر عن اسمه ....لكن عموما ماشاء الله المقال رائع وجذاب والمقدمه مؤثره جدا

    ردحذف
    الردود
    1. اشكرك على مشاركتك وتقييمك
      وهذا ردى على ملاحظاتك
      أولاً:الثوره المصريه كانت سلميه،لكن التغيير لم يكن سلمياً،اسقاط نظام بالقوه رغماً عنه
      ما أقصده بالتغيير السلمى هو شئ على غرار الثوره المخمليه فى تشيكسلوفاكيا،او تنازل مانديلا عن الترشح مره أخرى فى جنوب أفريقيا
      ثانياً:هذا يرتبط بحقيقه التغيير،انا أرى ان الشعب كان يريد تغيير حياه الفقر ولم تكن الديمقراطيه فى اولوياته
      واضف الى ذلك،اما يسمى بالنخبه لا يوجد لديهم ايمان حقيقى ب الديمقراطيه

      حذف
    2. ثالثاً:أنا أثق ان الأخوان لم يهتموا كثيراً بالديمقراطيه
      كحال كل التيارات السياسيه
      باختصار،كنا سنصل لهذه النقطه مهما تعددت الطرق

      حذف