السبت، 1 فبراير 2014

مستقبل المؤسسة العسكرية فى السلطة


فى كل دول العالم الثالث،تقوم المؤسسه العسكريه بدور العمود الفقرى لتلك الدول
فإما أن يكون الحاكم من رجال القوات المسلحه أو على الأقل يحظى بدعمها،وربما يرجع ذلك لدورها فى حركات التحرر التى مرت بها تلك الدول فى القرن العشرين.

أريد أيضاً أن أشير إلى الفارق بين ما يسمى ب"الحكم العسكرى" و "حكم مدنى تحت غطاء عسكرى"، مثلاً عندما قامت ثوره ٢٥ يناير لم يكن النظام القائم آنذاك نظاماً عسكرياً، ف كانت مصر تشهد قدراً معقولاً من الحريه مقارنه ب جيرانها فى المنطقه و بتاريخها القريب،و كل أعضاء الحكومه ورئيسها من خارج الجيش منذ ما يقرب من عشرين عاماً،إذن تستطيع أن تقول ان الثوره قامت على نظام "رجال الأعمال" و ما سيطر عليه من فساد فى كل مرافق الدوله،إنما كان النظام مرتبط ب غطاء عسكرى،ف رئيس الدوله-حسنى مبارك- استمد شرعيته من كونه أحد أبطال حرب أكتوبر،على الأقل حتى عام ٢٠٠٥ الذى شهد انتخابات رئاسيه
أما إذا أردت أن تعرف ب ما يسمى ب الحكم العسكرى،فارجع الى فتره حكم جمال عبد الناصر(وهى الوحيده التى يمكن وصفها بذلك) او حكم ستالين او أى نظام شمولى.
*******
هناك شبه إجماع فى مصر الآن على وجود فجوة كبيره بين جيلين، الجيل الأول الذى شهد حربى ٦٧ و اكتوبر ٧٣ أو ٢٣ يوليو ،والجيل الثانى الذى ولد فى الثمانينات وما بعدها
ف الجيل الأول جزء كبير منه التحق ب الجيش اثناء الحرب مع اسرائيل،وتأثر كثيراً بتضحيات القوات المسلحه،وآمن ب"أحقية" القوات المسلحه فى "القصر الجمهورى"،حتى جيل الشباب النشط فى فترة السبعينات لم يطالب ب "إسقاط" شخص الحاكم او شرعيته المستمده من اكتوبر ٧٣ او يوليو ٥٢،وهذا الجيل لم يشارك فى ثوره ٢٥ يناير إلا قليلاً،وكان ينظر اليها 
نظرة المستريب فى الأمور،والغير واثق فى الشباب الذى أطاح ب النظام العجوز!
وليس فى هذا شيئاً غريباً،فكلما تقدم الفرد فى السن كلما قلت رغبته فى التغيير وزاد تفكيره قبل كل خطوه،وكان هؤلاء ما سمى وقتها ب "حزب الكنبه"، وكانوا أيضاً هم أغلب المصوتون للفريق أحمد شفيق فى الانتخابات ب منطق "اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش"، كما أن أغلبهم متأثر بالتجربه الناصريه وعلاقتها ب تنظيم الإخوان

أما الجيل الثانى فلم يشهد كل هذه المشاهد،وكل معلوماته عنها كانت فى الواقع "محّرفه"،فلم يتأثر كثيراً ب الروايات المتناقله عن بطولات الجيش،بل وجد جيشه يتلقى سلاحه من نفس المصدر الذى يتلقى غريمه منه السلاح،ولم يشهد حدثاً بسببه يلتف حول جيشه،فكانوا هم وقود ثوره يناير،التى انحاز لها الجيش لرغبته الواضحه فى وقف عمليه التوريث،ورحّب الشباب ب "حسن نيه" ب تولى المجلس العسكرى مقاليد الأمور خلفاً لمبارك،لكن شهر العسل لم يدم كثيراً،وبدا أن الأمور تتأزم بينهم يوماً بعد يوم
وليس هذا بالغريب،ف الشباب ب طبعه أكثر اندفاعا وأقل صبراً على نقيض أعضاء المجلس العسكرى الذين تزيد أعمارهم عن ال ٦٠ عاماً
*******
فى أغسطس ٢٠١٣ أطاح الرئيس المعزول محمد مرسى ب المجلس العسكرى،و هو فى الواقع كان آخر أجيال حرب أكتوبر،وأختار اللواء عبد الفتاح السيسى ليبدأ جيلاً جديداً من قادة القوات المسلحه لا ينتمون لحرب أكتوبر،بل يدين ب الولاء ل"الصندوق"
ثم  جرت مياه كثيره فى النهر، وحدث ما حدث فى ٣٠ يونيو و اختلفت الأمور
فانتعشت شعبية المؤسسه العسكريه و شعبيه قائدها، الذى يبدو فى طريقه لتولى زمام الأمور فى البلاد

والسيسى كما هو معلوم ليس من جيل أكتوبر،و هنا تكمن بدايه المشكله،ف السيسى قادر على حسم الأنتخابات أمام أى مرشح مدنياً أو عسكرياً،لكن ماذا بعد ٤ أعوام؟ سأمشى معك حتى نهايه الطريق وأخبرك أن السيسى حكم مصر لمده ٨ أعوام حقق فيها نجاحاً مقبولاً لا بأس به،لكن لاحظ أنه هنا استند إلى شرعية"الصندوق"
بتقدم الزمن سيختفى تماما ما وصفته سابقاً ب الجيل الأول-الذى شهد أكتوبر- وسيصعد الجيل الثانى ليحتل هذا الموقع،وستظهر أجيال جديده مثلها مثل الجيل الثانى،لا تنظر للجيش باعتباره له الأحقيه فى القصر الجمهورى
وهنا سنصل إلى نقطه سيكون عندها من المستحيل أن يفوز بالإنتخابات رجلاً عسكرياً(إذا أجريت انتخابات)
وإذا تحولنا إلى نظام لايؤمن ب الأنتخابات،ف لن تكون هناك شرعيه يستند إليها !
إذن ف كيف نضمن بقاء رجلاً عسكرياً فى القصر الجمهورى على المدى البعيد؟ الحل هو-من وجهة نظرى- فى الحرب !
الحرب هى  المبرر الأقوى لبقاء رجلاً عسكرياً فى القصر،ف سواء انتصرت ستكتسب شرعية من هذا الأنتصار،أو انهزمت ستجدد الحجه لبقاء الجيش فى موقع السلطه
أو على الأقل وضع البلد فى حاله الحرب،شئ شبيه ب حاله الطوارئ وهذاشئ جائز مع ظروف دولة ب حجم مصر تواجه تحديات أقليميه و دوليه كثيره،ف عن الغرب تجد ليبيا مهدده ب التقسيم وهو أمر لا يمكن لمصر أن تسمح به وغير مستبعد احتماليه توجيه ضربه عسكريه للإنفصاليين،
وعن الشرق تظل اسرائيل  خطراً دائماً وتحت أى ظرف
وفى الجنوب تجد أثيوبيا وعداوتها التاريخيه مع مصر،وجنوب  السودان الباحث عن شركاء جدد فى اسرائيل،
بالإضافه للمنافسه الدائمه مع نيجريا و جنوب افريقيا وإن كان هذا احتمال بعيد
والله أعلم،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق