الجمعة، 29 ديسمبر 2017

السعودية و أمريكا: سباق من أجل انتزاع الأهداف

السعودية و امريكا:سباق من أجل انتزاع ا هداف
بمجرد إع ن فوز دونالد ترامب المرشح الجمهورى برئاسة الو يات المتحدة، ساد ارتياح عام بين قادة المملكة لعدة أسباب، أولها هو ا ثار السلبية التى خلفتها سياسة أوباما تجاه المصالح السعودية فى الشرق ا وسط، فالمملكة رأت فى أوباما رئيساً ضعيفاً غير قادر على حسم أية قضية أمنية، كما تسبب بسياسته الرامية الى ا نسحاب من مستنقع الشرق ا وسط و بتردده فى مواجهة توغل إيران داخل الدول العربية و توسيع نفوذها على حساب حلفاء واشنطن التاريخيين، با ضافة لوقوفه على الحياد بين طهران و الرياض بعد توقيع ا تفاق النووى فى 5102 داعياً الجارين الكبيرين الى التعايش معتبراً ان ذلك هو السبيل ا وحد للس م فى المنطقة. ثانى ا سباب يتعلق بشخصية ترامب ذاتها، فهو رجل أعمال بدون أي تاريخ سياسى وب  أي خلفية أيديلوجية، يبحث فقط عن مصالح دولته كما يراها دون النظر  ي التزام سياسى، وهو ما تراه الرياض الرجل ا مثل للتفاهم معه عكس أوباما، لذلك لم يكن مستغرباً أن تأتى أول زيارة خارجية لترامب الى الرياض-وهو ما لم يفعله اي رئيس أمريكى سابق- و يعقد صفقات بمليارات الدو رات، وهي صفقات   يمكن اختزالها فقط فى كلمة " "jobs كما يحب ترامب أن يردد دائماً، لكنها أيضاً بمثابة تجديد التحالف ا ستراتيجى بين واشنطن و الرياض با ضافة لبعث لرسالة واضحة لكافة ا طراف الفاعلة فى الشرق ا وسط تفيد بأن الو يات المتحدة   تنتوى ا نسحاب من المنطقة.
ماذا تريد المملكة العربية السعودية من الو يات المتحدة ا مريكية؟
. يأتى تحجيم الدور ا يرانى على رأس أولويات المملكة، وهو ليس بالشئ الجديد، ف تسريبات ويكيليكس أشارات إلى أن الملك الراحل عبد   بن عبدالعزيز حرض ا دارة ا مريكية السابقة على ضرب إيران، و هو ما أكده جون كيرى منذ أيام حيث قال أن قادة السعودية و مصر و اسرائيل حرضوا على ضرب إيران عندما كان يرأس لجنة الع قات الخارجية بالكونجرس، ورغم أن جيمس ماتيس وزير الدفاع ا مريكى استبعد توجيه ضربة عسكرية لطهران، إ  أن ا مور قد تختلف مستقب ً وفقاً لدرجة التقارب السعودى- ا سرائيلى الذى ينمو تحت ضغط الوجود ا يرانى فى المنطقة
. دعم ا مير الشاب: يحظى محمد بن سلمان بدعم شخصى من ترامب، وهو ما ظهر بعد اعتقال عدد من ا مراء و رجال ا عمال فى فندق الرتيز بالرياض، حيث لم يتردد ترامب – المتواجد فى آسيا آنذاك- فى إع ن دعمه  جراءات المملكة فى أمر   يعد فقط شأناً داخلياً بل عائلياً !
.الملف القطرى:   يحتل الملف القطرى حيزاً كبيراً فى أجندة السياسة ا مريكية، إ  أنها لم تتردد فى دعم إجراءات المملكة و حلفاءها تجاه قطر، كما وصف ترامب قطر بأنها " ممول تاريخى" ل رهاب، ورغم ذلك نجح الرجل فى ضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جانب لم يغضب المملكة ويضغط  نهاء تلك ا جراءات ، وهو أمر ربما لم يكن ليسمح به رجل مثل أوباما، و من جانب آخر لم بتردد الرجل فى ابتزاز الدوحة لعقد صفقات أسلحة بالمليارات و جذب أموالها ل ستثمار داخل الو يات المتحدة
ماذا تريد الو يات المتحدة من المملكة ؟
. تطمح الو يات المتحدة  نجاز ما وصفه الرئيس ا مريكى ب "صفقة القرن" ، ورغم كون المصطلح غامضاً إ  أنه يعكس فلسفة ا دارة ا مريكية التى تتعامل بمنطق التاجر دون أية ثوابت سياسية.و يبدو أن ا دارة ا مريكية تنوى استخدام حلفاءها العرب-وبا خص السعودية و ا مارات- للضغط على الفلسطنيين للقبول بما ستعرضه عليهم الو يات المتحدة والذى لن يختلف كثيراً عن ما ستطرحه اسرائيل عليهم ، وأغلب الظن أن الصفقة ستكون دولة فلسطينية منزوعة الس ح مع تبادل ل راضى يسمح  سرائيل با حتفاظ بمستوطناتها فى الضفة و القدس فى مقابل تطبيع عربى مع اسرائيل و دعم مالى للدولة الفلسطينية من السعودية.
. يسعى ترامب لجذب كل فوائض ا موال الخليجية داخل الو يات المتحدة، مشدداً على أهمية و أولوية البعد ا قتصادى لديه.
حدود إنجاز المصالح بينهما
  يحتاج المرء إلى كثير من الفطنة ليدرك أن السعودية و إسرائيل   ترضيان بأقل من توجيه ضربة عسكرية  يران تقسم ظهر مشروعها النووى و تجبرها على ايقاف برنامجها الصاروخى، لكن هل تنتوى الو يات المتحدة ا قبال على خطوة بمثل تلك الخطورة أو حتى السماح بها ؟
هناك الكثير من ا سباب التى تجعل هذه الخطوة غير واردة من ا ساس عند صانع القرار ا مريكى أبرزها:
0) وثيقة ا من القومى 5102: لم تنص الوثيقة على مفهوم "الضربات ا ستباقية" الذى استخدمته الو يات المتحدة سابقاً فى العراق ، رغم وصفها إيران- وكوريا الشمالية- بالدول المارقة، و اكتفت بالتأكيد على نشرها أنظمة دفاع جوى صاروخى على كافة المستويات لحماية أمنها و أمن حلفاءها، ما يعنى أن الو يات المتحدة ستنتهج سياسة
دفاعية ولن تبدأ بضرب إيران
5) سباق التسلح:   يمكن  ي رئيس للو يات المتحدة أن يغفل حجم مبيعات ا سلحة إلى
دول الخليج وما تسببه من انتعاش ل قتصاد ا مريكى، فما بالك برجل من طراز دونالد ترامب ؟ وفقاً لمعهد ستوكهولم  بحاث الس م، تضاعفت نسبة استيراد السعودية ل سلحة بنسبة 505% فى الفترة ما بين 5105 و 5102، فى حين ارتفعت واردات قطر من ا سلحة بنسبة 542%، كما استحوذت كل من السعودية و ا مارات لوحدهما على ما يقارب 01% من إجمالى صادرات الس ح فى العالم فى تلك الفترة، و هي أرقام بالطبع مرشحة للتضاعف تحت قيادة ا مير الشاب محمد بن سلمان
1) قوة الردع ا يرانية: تملك إيران قوة ردع صاروخية يمكنها الوصول الى كل ا هداف ا مريكية فى المنطقة با ضافة الى كل من الرياض و تل أبيب، وتواصل طهران التأكيد على أن برنامجها الصاروخى دفاعياً با ساس كما أنه شأناً داخلياً لن تتفاوض عليه. لكن الرياض تسعى  قناع واشنطن بأن برنامج ايران الصاروخى ليس دفاعياً كما تدعى طهران خصوصاً بعد استهداف الحوثيين للرياض بصواريخ تقول الرياض أنها إيرانية الصنع، كما تحذر الرياض من أن وجود تلك الصواريخ البالستية بين أيدى
الملشيات المسلحة التابعة  يران سيزيد من أشتعال المنطقة. أما واشنطن، فيبدو أنها تعزف عن دخول مغامرة جديدة فى الشرق ا وسط، فبرنامج إيران النووى لن ينتهى بضربة عسكرية على غرار مع حدث مع برنامج العراق فى بداية ثمانينيات القرن الماضى أو البرانمج السورى فى العقد الماضى، مفضلة على ذلك تشديد العقوبات ا قتصادية على طهران و خنق أذرعها فى المنطقة.
خاتمة
مع انهيار ا تحاد السوفيتى و سقوط حائط برلين، سعت الو يات المتحدة – المنفردة بقيادة النظام العالمى آنذاك- الى تسوية المشاكل المعقدة فى العالم تحت رعايتها و وفقاً لرؤيتها ، حتى اُطلق على التسعينات " عصر التسويات الكبرى" ، و هي الفترة التى شهدت أعتراف متباد ً بين اسرائيل و السلطة الفلسطينية، ثم اتفاقية الس م بين ا ردن و اسرائيل، ثم دخول سوريا واسرائيل فى مفاوضات س م وإن لم تسفر عن شئ، با ضافة لتطلع الدول الخليجية للتعامل مع إسرائيل وهو ما وصفه وزير خارجية مصر ا سبق عمرو موسى فى مذكراته ب "الهرولة تجاه اسرائيل".
اليوم و بعد سبع سنوات من الفوضى فى الشرق ا وسط، ترى ا دارة ا مريكية ان
الفرصة مواتية  عادة تشكيل الشرق ا وسط ارتكازاً على مبدئين، ا ول هو صفقة القرن، أي تطبيع عربى مع اسرائيل وتسوية المشكلة الفلسطينية ا سرائيلية، و الثانى هو استبعاد ا س م السياسى من خريطة التحالفات فى الشرق ا وسط، وهو يختلف عما رأته ا دارات ا مريكية السابقة من ضرورة إشراك جماعات ا س م السياسى فى العملية السياسية، أما ا دارة الجديدة فتعتبر أن تلك التيارات وفرت غطاءاً سياسياً ل رهاب ومهدت له الطريق وأن التعاون معه كان خطأًفادحاً.
على الجانب ا خر، تبدو السعودية الطامحة لقيادة العالم العربى مصرة على استثمار فترة إدارة ترامب فى صراعها مع ايران، فهى تقدم نفسها للعالم العربى بوصفها حامية البوابة الشرقية له ضد المشروع ا يرانى كما تقدم نفسها للو يات المتحدة على انها حليف قوى يمكن ا عتماد لتحقيق المصالح ا مريكية، فهي تحت قيادة محمد بن سلمان أصبحت ترى فى تل أبيب شريكاً   مفر منه فى مواجهة ايران، وهي فى سبيل فى ذلك تشارك فى صياغة صفقة القرن أو كما يقول بعض الخبراء ان هناك مشروعاً سعودياً-اسرائيلياً لتسوية فلسطينية مقابل اقناع واشنطن بضرب ايران و حزب  ، النقطة الثانية ان ابن سلمان يشارك ترامب رؤيته تجاه ا س م السياسى، ويسير بخطى واضحة لتغيير وجه المملكة المعروف بتحفظه بمباركة أمريكية، مصراً على تغيير الصورة النمطية عن المملكة وارتباطها بالحركات المتشددة.